jeudi 5 juillet 2007

ماذا يمكن أن يفعل إنسان فتح عينيه على جبل عظيم يستحيل عليه النيل منه؟

ماذا يمكن أن يفعل إنسان فتح عينيه على جبل عظيم يستحيل عليه النيل منه؟
جمال الموساوي ...تتداعى إلى الذهن الكثير من الكلمات عن الموت. كلمات تبقى بالرغم من كل حمولتها ناقصة. تذكرت كلمة قالها الشاعر الإنجليزي جون كيتس في لحظة من لحظاته الجميلة المشرعة للشعر، فتجلى عالم الموت الخفي رائقاقال « أشعر الآن أكثر من أي وقت مضى أنه من الخصوبة أن أموت»فكرت إذ استعدت هذه الكلمات أنه « ليس من المفاجئ في شيء أن يداهم الموت الإنسان» وأن يحاصره هكذا بغتة، مع أنه ربما كان ينتظر اللقاء بسنة بعيدة في النفق، ذلك أن الموت خارج الحصر في الزمان أو في المكان بل إن «المنايا خبط عشواء» لا غير ، كما عبر عن ذلك الشاعر العربي القديموالولادة هي بداية المضي باتجاه الموت. لو لم تكن ثمة ولادة ما كان ليكون ثمة موت. هذه جدلية بسيطة لكنها تستدعي الحياة، ولذلك، وبسبب رهافة الدواخل يكثر الشعراء، خاصة، من الحديث عن الموت في أعمالهم، أو لعله يشكل عصب إنتاجهم. فالكتابة نوع من الموت أيضا، موت رمزي رائع بالضرورة. موت لذيذ لأنه لحظي ومؤقت، والشعراء في الغالب لا يستطيعون التحليق خارج الفضاءات الجنائزية السوداء بحثا عن أفق أبيض للحياة. فالموت عامل خصوبة كما أراد كيتس، يمنح الحياة فرصة لتجديد كائناتهاالموت، إذن، ليس واحدا، بل هو متعدد بقدر ما هو مختلف، ولهذا فقد كان الشاعر القديم الآخر على قدر غير قليل من الخطأ إذا تركنا جانبا الموت كلغز بيولوجي مادي بما هو استيفاء لأجل، واختفاء نهائي من الوجود وانحلال في الأرض وانتشار في التربة، هناك أشكال أخرى للموت. أشكال بمنأى عن البيولوجيا. ومن ذلك مثلا أن صديقا أسر لي قائلا :« لدي شعور حاد بكوني سأودع العالم في وقت باكر».. لم أرد تعزية نفسي، ولكني أيضا لم أشأ أن أخبره بأن لدي شعورا بكونه مات فعلا، والآن!. أليس اليأس وجها آخر للموت؟ أوليس هو الموت نفسه مقنعا؟لا أدري لماذا تداعى إلي موضوع من هذا القبيل، أو لماذا اختلط الموت باليأس في ذهني، فقط أحس أن ثمة دوافع قوية جدا، أقلها أن جيلا كاملا يعيش خارج التاريخ! يعيش لحظات لم يساهم بشيء في صنعها وبلورتها، ويسير باتجاه مستقبل مرسوم لم يقرره لنفسه. مستقبل هو مجرد وعاء لاستقبال القادمين؟ماذا يمكن أن يفعل إنسان فتح عينيه على جبل عظيم يستحيل عليه النيل منه؟ لقد مرت سنوات طويلة تراكمت فيها عدة أشياء تمتد من المديونية والفساد والبطالة إلى حدود اليأس الكبير الذي يدفع إلى أحد الموتين البطيء أو المتعجَّلهناك أحيانا، أشياء يصعب فهمها، خاصة حين يختلط الأمر ويغطي الرؤيةَ الضبابُ، ويصبح الفرق بين الموت والتمويت رفيعا جداهكذا، قد يكون الموت أبيض رائقا، وقد يكون أسود غامقا

Aucun commentaire: